نظم فرع المهندسين الموظفين والمتعاقدين في القطاع العام والخاص في نقابة المهندسين في طرابلس والشمال، بالتعاون مع فرع المهندسين المكانيك الاستشاريين، مؤتمر تحت عنوان” الطاقة المتجددة ودورها في تحقيق التنمية المستدامة”؛ وذلك في مركزها في طرابلس، برعاية وحضور وزير الطاقة الدكتور وليد فياض، ممثلي الهيئات النقابية والتعليمية من نقباء وعمداء، نقيب المهندسين في طرابلس والشمال المهندس بهاء حرب، أعضاء النقابة، ومجموعة من المهندسين وحضور كثيف من أصحاب الإختصاص والمشاركين في المؤتمر.
افتتح المؤتمر بالنشيد الوطني اللبناني والترحيب بالحاضرين. وفي سياق الكلمات الترحيبية، أكد منسّق المؤتمر وأمين سرّ النقابة د. علي هرموش “أن الطاقة المتجددة بكافة أنواعها من طاقة شمسية وطاقة رياح وطاقة هيدروليكية وطاقة عضوية وغيرها من الطاقات “الطبيعية” باتت الأمل والملاذ الآمن للدول والمجتمعات في توفير الطاقة في المستقبل كونها طاقات وثروات لا تنضب، ومن ناحية أخرى لأنها غير ملوثة للبيئة”. كما شددّ هرموش أن تطبيق التكنولوجيا الحديثة بشكل صحيح في مجال الطاقة المتجددة سيوفر ما يقارب 11 مليون وظيفة جديدة استنادا الى التقارير الصادرة عن منظمة الإسكوا والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبدوره أكد نقيب المهندسين، المهندس بهاء حرب، على اهتمام النقابة في اقامة مؤتمرات وورشات عمل تعنى بموضوع الطاقة المتجددة نظرا لأهميته في وقتنا الراهن، وأعلن حرب في كلمته أمام الحاضرين أنه “بكل حزن وأسف أقول : يا سادة، يا كبار…. كفى… اعطوا الناسَ فسحةَ أمل، بصيصَ ضوء، فمنذ ثورة 17 تشرين لغاية حكومة دولة الرئيس ميقاتي ولبناننا الحبيب، مكانك راوح… لا برنامج..لا تنفيذ… لا رؤية… لا اصلاحات… وقارئة الفنجان شاحبة الوجه على الرصيف.” وأكمل “معالي وزير الطاقة الدكتور وليد فياض،شرفتنا بحضورك ورعايتك لهذا المؤتمر العلمي المميز الذي اطلقته نقابتنا ليبقى هذا الصرح منصة العلم والمعرفة والتطور .معالي الوزير، انتم مثال القيادة الشبابية بطاقاتها، بقدراتها، بخبراتها، تعمل يوماً بعد يوم، ليل نهار، على وقف الانهيارات المتتالية التي تطيح بكل شيء. معالي الوزير، الشمس طالعة والناس قاشعة، وها هي اليوم هذه الكوكبة من أصحاب الاختصاص متحدثين ومشاركين، من جمعيات وجامعات، من شركات ومؤسسات تجاوبت مع الدعوة لينجح هذا المؤتمر في تحقيق اهدافه لأن ايمانِهم بالله أكيد وولائِهم للبنان وطيد وسعيَهم في نشر العلم سديد.”
وفي سياق حديثه حول الطاقة المتجددة، أوضح حرب إن ” اهتمام النقابة في موضوع الطاقة المتجددة ودورَها في تحقيق التنمية المستدامة هو لمواكبة ما يواجهه بلدنا والعالم من تحديات في خلق التوازن بين التنمية المستدامة وبين الحفاظ على البيئة النظيفة وتأثير ذلك على الاقتصاد و التجارة وصحة الانسان. وحركة الحياة على هذا الكوكب كما جاءت المقررات الجدية لقمة العشرين الشهر الفائت والتي تخوفت من ما يواجه هذا العالم اليوم من تحول غير مسبوق في المناخ من جراء الانبعاثات المتأتية من احتراق الوقود والمحروقات و غيرها. هذا يتطلب حماية النظم الايكولوجية والتنوع الاحيائي كما يؤمن ايضاً المساواة في النمو الاقتصادي المستدام ورفع مستوى المعيشة وخلق فرص عمل وتمكين التفاعل و الترابط بين الطاقة و المناخ والغذاء.”
أما راعي المؤتمر، وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض، استهل كلمته بشكر نقابة المهندسين في طرابلس على تنظيمها للمؤتمر، فقال “لا بدّ لي بداية من أن أثمّن الجهود المبذولة والجبارة التي قامت بها نقابة المهندسين في طرابلس لإنعقاد هذا المؤتمر الهام في ظل الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، مع العلم ان موضوع الطاقة المتجددة قد اصبح بنداً اساسياً لا رجوع عنه في تطوير قطاع الطاقة في لبنان. فاسمحوا لي بداية ان اشكر سعادة النقيب المهندس بهاء حرب وكل الزملاء المهندسين الذين شاركوا وساهموا في قيام وانجاح هذا المؤتمر اليوم.”
وحول أزمة الطاقة التي يعاني منها لبنان، وضرورة العمل على ملف الطاقة المتجددة أكمل حديثه قائلا: “ولا يخفى على احد ان قطاع الطاقة في لبنان يعاني من مشاكل مزمنة وتحديات هائلة وهو من القطاعات الاساسية لعمل كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى والتي تعتمد بدرجة أساسية عليه. بالاضافة الى ذلك، يواجه لبنان، كما كل دول العالم، تحدّيات كبيرة خلال السنوات العشر القادمة للنجاح في محاربة ظاهرة التغيّر المناخي والتي باتت تشكل خطرا” حقيقيا” على مستقبل الكثير من الدول والمجتمعات حول العالم. ويبقى الامل الحقيقي في تطوير قطاع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة على نطاق واسع للوصول الى الأهداف المرجوة للتنمية المستدامة وخلق مستقبل زاهر نفخر به امام الاجيال القادمة.”
وفي سياق حديثه، تحدث وزير الطاقة حول المشاريع التي تعمل عليها الوزارة في ملف الطاقة المتجددة فصرح أن ” وزارة الطاقة والمياه قامت منذ حوالي شهرين بتقديم تقرير Energy Compact الى امانة سر الامم المتحدة قبيل انعقاد “الحوار العالي المستوى حول الطاقة”، ليكون لبنان بين اول احدى عشر دولة من العالم قامت بتقديم تقرير Energy Compact، ويعتبر هذا التقرير مرجعية اساسية يمكن الاتكال عليها من قبل المؤسسات الدولية والجهات المانحة لمساعدة الدول النامية في تحقيق اهدافها المعلنة في مجال الطاقة المتجددة، التزاما” بأهداف التنمية المستدامة للامم المتحدة ولا سيما الهدف السابع المتعلق بـ”تأمين طاقة نظيفة وبأسعار مقبولة للجميع بحلول عام 2030″.
كما وأكد على “التزام الدولة اللبنانية بتطوير سوق الطاقات المتجددة وصولا الى تحقيق هدف 30% طاقة متجددة بحلول عام 2030 وذلك استنادا الى تقرير “الوكالة الدولية للطاقة المتجددة” (IRENA)”، موضحا بلغة الارقام، انه “من اهداف وزارة الطاقة والمياه تطوير مشاريع الطاقة المتجددة بقدرة قد تزيد عن 4000 ميغاوات من مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية بحلول العام 2030”. وشدد أنه “من الصعب النجاح في تحويل هذه المشاريع الى حقيقة الا من خلال شراكة جدية بين القطاعين العام والخاص في لبنان وبالشراكة مع اصدقاء لبنان حول العالم.”
وأشار في كلمته الى أن “الإنجازات التي حققها سوق الطاقة المتجددة في لبنان خلال السنوات الماضية، لا سيما التطور الكبير في سوق تسخين المياه على الطاقة الشمسية حيث وصل حجم السوق عام 2020 الى حوالي 750 الف متر مربع من السخانات الشمسية على كامل الاراضي اللبنانية اي ما يوفر سنوياً حوالي 90 جيغاوات ساعة من الطاقة. كذلك، حقق سوق انتاج الكهرباء من أنظمة الطاقة الشمسية الموزعة نمواً كبيراً بين عامي 2010 و2020 حيث فاق حجم السوق 100 ميغاوات وعلى مختلف الاراضي اللبنانية ايضاً. وتحدث أيضا عن التعاون المستجد بين وزارتي الطاقة والمياه ووزارة الداخلية والبلديات لتسهيل وتسريع تنفيذ مشاريع انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية على اسطح المباني، متوقعا أن “يتجاوز اجمالي الطاقة المركّبة لهذا العام ال100 ميغاواط أي ما يوازي مجموع ما أضيف بالسنوات العشر الماضية.”
بالاضافة الى ذلك، أعرب وزير الطاقة عن “ارادة وزارة الطاقة والمياه وسعيها الى تأمين آليات تمويل من المجتمع الدولي لإعادة العمل بمشاريع انتاج الكهرباء من طاقة الرياح بقدرة 226 ميغاوات والتي تم توقيع عقود شراء الطاقة العائدة لها في العام 2018 وتعذر المضي قدماً بهذه المشاريع نتيجة تدهور اسعار العملة اللبنانية. وتكمن أهمية ملف طاقة الرياح في كونه يشكّل أول ترجمة عملية للقانون 288 الممدّد له بموجب القانون 54، وفي أن تكون التراخيص الثلاثة الاولى في تاريخ لبنان ممنوحة لمنتجي الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.”
وفي هذا الاطار، أعاد التأكيد على “اهمية متابعة استدراج العروض من القطاع الخاص لبناء محطات الطاقة الشمسية الفوتوفلطية بقدرة تصل الى 180 ميغاوات، بمعدل 45 ميغاوات لكل محافظة، مع الامل ببت الاسعار النهائية واصدار الرخص في مجلس الوزراء في وقت قريب وذلك بالتعاون الكامل مع وزارة المالية”، مؤكدا على “استكمال العمل المطلوب للمضي قدماً في ملف بناء 300 ميغاوات من محطات الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء مقسّمة على 6 مزارع بقدرة 50 ميغاواط لكل منها مع قدرة تخزين تبلغ 210 ميغاوات وذلك بالتنسيق مع البنك الاوروبي للتثمير واعادة الاعمار.”
وفي ختام استعراضه لأبرز النقاط المتعلقة بملف الطاقة المتجددة، سلط الوزير فياض الضوء على “قطاع توليد الطاقة من المياه الذي بدأ به لبنان منذ ما يقارب المئة عام عبر انشاء السدود والمحطات الكهرمائية على نهر البارد ووادي قاديشا ونهر الجوز ونهر ابراهيم ونهر رشميّا وتطوَّر بشكل كبير مع الانتهاء من مشروع الليطاني وبناء المحطات الكهرمائية الكبرى كمعمل ابراهيم عبد العال ومعمل بول ارقش. ويبلغ اجمالي القدرة الكهرمائية المركّبة في لبنان حوالي 282 ميغاواط ولا تتعدى كلفة انتاج الكيلوواط ال3 سنت”. وأكد على أن وزارة الطاقة، عبر خطة السدود، تولي اهتماما كبيرا لهذا القطاع عبر انشاء المحطات الكهرمائية في المشاريع الجديدة كسد جنة الذي يسمح بانتاج 100 ميغاواط عبر طاقة المياه.”
كما أعلن عن” اطلاق الوزارة لمشروع وطني مموّل من مؤسسة التمويل الدولية (IFC) لتأهيل وتطوير القطاع الكهرمائي في لبنان مما سيسمح بزيادة 125 ميغاواط اضافي على الشبكة علماً بأن كل ميغاواط هايدرو سيسمح بالاستثمار المجدي ل5 ميغاواط منتجة من الطاقات المتجددة الأخرى.”
وختم راعي المؤتمر كلمته بالتأكيد مرّة جديدة على عمل وزارة الطاقة والمياه لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة كجزء اساسي لايجاد الحلول لمشاكل قطاع الطاقة، مشددا بان “تطوير مشاريع الطاقة المتجددة من اولويات عمل الوزارة خصوصاً في ظل انخفاض اسعار انظمة الطاقة المتجددة وارتفاع سعر الطاقة الكهربائية التقليدية.”
كما وصرح ومن على منبر نقابة المهندسين في طرابلس بإرسال وزارة الطاقة الى مجلس الوزراء مشروع “قانون حفظ الطاقة” ومشروع “قانون الطاقة المتجددة الموزعة” مع نية اقرارهما بأسرع موقت ممكن.”
وتجدر الإشارة، أن المؤتمر سيستمر لمدة يومين في قاعة المؤتمرات الخاصة بنقابة المهندسين في طرابلس، كما سيتخلله جلسات حوارية، يديرها مختصون وعلماء، حول مصادر الطاقة المتجددة ومستقبلها في لبنان، اضافة الى تقديم نماذج عن تجارب لبنانية ناجحة في مجال توليد الطاقة البديلة، أما الفقرة الأخيرة فتحمل طابعا تشريعيا وتنظيميا لقطاع الطاقة المتجددة.
