لا يشبه صباحك اي صباح لأي شخص آخر، صباح غير مألوف وليس مدلل. كصحافية لا يستهويني شرب القهوة اطلاقا، لكنني اشعر ان العالم يباغتني اذا لم اهرع صباحا بشكل دوري الى وسائل التواصل الاجتماعي والوكالات الاعلامية لأقرأ ما الاخبار التي ما تلبث ان تحدث في عالم يتلهف ولا يفوت أي معلومة دون نشرها.
كانت الاحداث تظهر وكأنها تحصل ببطء شديد وكأن العالم يمشي على مهل آخذا وقته الكافي في التعافي قبل ثورة التكنولوجيا، لكن الحدث اليوم هو حدث الساعة فقط واهم الاحداث ما تلبث ان تنطفىء بعد مصارعتها للاستمرار لأيام أخرى على قيد الاهتمامات.
ان بعض الاحداث هو لحظي كما كل ما نعيشه من آلاف السنين الى يومنا هذا، لكننا اليوم نريد أن نوثق الشاردة والواردة، ما يستدعيك كصحافي ان تقوم بمهمة ربما اصبحت اصعب من قبل فمثلا عليك ان توفق بين متابعتك لابرز الاخبار اليومية وبين ان تقوم بثقل ثقافتك الذاتية عبر القراءة ومتابعة مجالك المهني بشكل روتيني.
نعم انها مهنة المتاعب لكنها تناسب الاشخاص الفضوليين الذي لا يستشعرون بلذة الحياة على هامشها، بل في عمقها وكأنهم يصبحون الحدث دون ان يسرقون بريقه.
لا ليس يوم الصحافي رتيب بل إنه مختلف، مليىء بكم المعلومات الهائل الذي يجعل منه “الصحافي” ولذلك يلقبونه به. ان تأخذ صفة الصحافي يعني الكثير من الاشياء وليس ما يمنحك الناس اياه حصرا. ان تكون صحافي يعني ان تكون صورة المجتمع الذي يطرح الكثير من الأسئلة في فضاء الحياة اليومية وان تكون اولا واخرا فردا لا ينفصل عن كونه من نواة المجتمع. لكن مهمتك تكمن بإمتلاكك الآلية لطرح أسئلتهم في الأماكن ومع الاشخاص الذين تعتبرهم يمتلكون الأجوبة الشافية أو خلق المزيد من الأسئلة في حال لم تصل للجواب الذي يشفي فضولك المستعر.
وفي اعتقادي ان لشخصية الصحافي اهمية تكمن بمدى استجابته لهذا الدافع الذي يبدأ بمراكمته وإثقاله عبر الاطلاع والبحث الذي لا ينقطع وبالتالي من استعدادته كسمة شخصية يمتلكها. ولطالما احتاج العالم لهذه القدرة على التحرك ومواصلته، ما وراء المقال والاذاعة والمحطة التلفزيونية والصفحات والمواقع الالكترونية.
ولأننا نتشارك جميعا السمة الاجتماعية كبشر، لا يمكن ان يكون هذا العالم خال من الوسيط الذي ينقل الاخبار ولا يمكنه ان يكون كوكبا منقطع ولذلك فإن الصحافة لا تقل عن اي مهنة انسانية أخرى.
